تولي محمد علي باشا حكم مصر
بعد جلاء الفرنسيين نهائيًا عن مصر عاد التنافس الذي كان بين المماليك وخاصة بعد وفاة مراد بك في إبريل عام ١٨٠١، فانحصرت المنافسة على الزعامة في ذلك الوقت بين “عثمان بك البرديسي” و”محمد بك الألفي” ولكن رغم ذلك عمل العثمانيون على تنصيب “محمد خسرو باشا” واليًا على مصر في يناير ١٨٠٢، ولكنه فشل في مهمته حيث دار الصراع بين قواته والمماليك كما ثار ثورة عليه طائفة الارناؤود ( الألبانيين) بقيادة “طاهر باشا” وفي ٦ مايو ١٨٠٣ أعلن العلماء والمشايخ اختيار طاهر باشا قائم مقام ولكنه لم يظل طويلاً حيث تم اغتياله في مايو عام ١٨٠٣ على يد الانكشارية.
تولى بعده “محمد على” قيادة الحامية الألبانية في ١٨٠٣ وكانت مصر في حالة من الفوضى، فرأى محمد على أنه عليه التحالف مع “عثمان بك البرديسى” للتخلص من الحاكم العثماني الجديد “أحمد باشا” والزعيم المملوكي المنافس “محمد بك الالفى” وبالفعل تمكن محمد على من هذا التحالف من طرد الوالي أحمد باشا بعد أن حكم يومًا واحدًا.
بدأت سلطة محمد على تظهر في الميدان وبعد حوالي شهر اختلف محمد على مع البرديسي الذي أحدثت فداحة ضرائبه ثورة في القاهرة فانتهز محمد على هذه الفرصة لمصلحته، فانضم إلى المشايخ وكسب عطف الشعب وثقة علمائه، وأمر جنوده بمهاجمة المماليك بالقاهرة فخرجوا منها وذهبوا إلى الصعيد، ونجح محمد على بعد ذلك إلى تعيين خورشيد باشا محافظ الإسكندرية واليًا على مصر وكان خامس من تولى ولاية مصر في خلال سنتين.
استمرت الحرب بعد ذلك سجالا بين المماليك وجنود الوالي ومحمد على إلى أن ارتدوا عن القاهرة وانسحبوا مرة ثانية إلى الصعيد، وبعد مطاردة المماليك إلى الصعيد انهار التحالف القائم بين محمد على وخورشيد.
عمل محمد على لينال تأيد العلماء وخاصة نقيب الأشراف السيد عمر مكرم وما أن علم العلماء بوصول فرمان يقضى بعودة الألبانيين ورؤسائهم إلى بلادهم حتى طلبوا من محمد على البقاء في مصر لما عهدوه فيه من العدل والاستقامة فقبل محمد على ذلك ولكن على الرغم من ذلك بذل خورشيد مساعيه لإقصاء محمد على عن مصر.
و في يوم الاثنين ١٣ مايو أجمع العلماء على عزل خورشيد باشا وتعين محمد على واليًا مكانه فامتنع محمد على في بادئ الأمر حتى لا ينسب إليه انه المحرض على هذه الثورة و لكن السيد عمر مكرم والشيخ الشرقاوي قلداه خلعة الولاية فقبل محمد على الشروط التي رفضها خورشيد من قبل كما اقر إلى الرجوع إلى هؤلاء الزعماء في شئون الدولة و بهذا و نزولا عن إرادة زعماء الشعب أصبح محمد على والى على مصر في ١٣ مايو ١٨٠٥.
علاقة الدولة العثمانية بمحمد على
حاول خورشيد باشا -بمساعدة الدولة العثمانية- إبعاد محمد علي عن مصر بتعيينه واليًا على جده، ولم ينفذ قرار النقل لتعضيد العلماء له. وقد وافق السلطان العثماني على تعيين محمد علي واليًا على مصر بفرمان صادر في ٩ من يوليو عام ١٨٠٥، وعزل خورشيد من منصبه، ولكنه تحصن بالقلعة وتحالف مع المماليك ضد محمد علي.
أرسل السلطان العثماني قائد أسطوله للإسكندرية لوضع حد للخلافات بين محمد علي وخورشيد، فكلف قائد الأسطول كاتم أسراره ببحث الأمر برمته، فأسرع دروفتي قنصل فرنسا العام بمقابلته بالإسكندرية، وأوضح له أن محمد علي هو سيد الموقف مما حدا بخورشيد باشا إلى مغادرة القلعة في ٧ أغسطس ١٨٠٥، لعدم تعضيد الدولة العثمانية له.
طلبت إنجلترا من السلطان العثماني نقل محمد علي إلى ولاية سالونيك (مقدونيا)، وتعيين موسى باشا واليًا على مصر مع عودة المماليك لتولى السلطة وتعيين محمد الألفي شيخًا للبلد. ولذلك وصل أسطول عثماني للإسكندرية بقيادة صالح باشا قبطان ومعه عدد من الإنجليز للإشراف على هذه الترتيبات.
في هذا الوقت فشل محمد الألفي (زعيم المماليك) في الاستيلاء على دمنهور، أو في توحيد صفوف المماليك بينما تمكن محمد علي من رشوة صالح قبطان ورجال الباب العالي بالآستانة، وتعهد للباب العالي، إذا عين واليًا على مصر؛ أن يسدد أربعة آلاف كيس كجزية سنوية، وقدم ابنه إبراهيم رهينة لتنفيذ هذا الشرط، وقد عاد قائد الأسطول العثماني إلى إسطنبول في ١٨ أكتوبر ١٨٠٦ مصطحبًا الوالي العثماني موسى باشا وإبراهيم نجل محمد علي.
تخلص محمد على من الخصوم وتوطيد حكمه واليا على مصر
ساعدت الظروف محمد علي إذ مات عثمان البرديسي في نوفمبر ١٨٠٦ الحليف الرئيسي لمحمد علي، كما مات بعده محمد الألفي زعيم المماليك الكبير في يناير ١٨٠٧ م ، كان هدف الحملة الإنجليزية على الإسكندرية عام ١٨٠٧ إعادة المماليك للحكم، إلا أنها فوجئت بوفاة زعيمهم قبل حضورها، وكان محمد علي في هذا الوقت يطارد المماليك في الصعيد وتمكن من احتلال المنيا وأسيوط، وقرر العودة عقب سماعه بوصول الحملة.
وقد زال الخطر الإنجليزي بهزيمتهم في رشيد والحماد، وتم الصلح بين محمد علي والإنجليز في ٧ سبتمبر ١٨٠٧، على أن يخرجوا من الإسكندرية مقابل رعاية مصالحهم التجارية وإطلاق سراح الأسرى وغير ذلك من الشروط.
عقد محمد علي صلحًا مع شاهين بك الألفي (خليفة محمـد الألفي)، ثم مع باقي أمراء المماليك في ٥ نوفمبر ١٨٠٩، وبموجبه أن يستقروا بالقاهرة، ويدفعوا الضرائب، ولكنهم نقضوا شروط الصلح وقرروا العودة في مايو ١٨١٠ للصعيد، فقرر محمد علي ضرورة التخلص منهم قبل قيامه بحملة الحجاز، فدبر لهم مذبحة القلعة في ١ مارس ١٨١١، وبذلك تخلص من خطرهم.
من أهم أعمال محمد علي باشا على سبيل المثال لا الحصر :
في مجال التعليم والثقافة
بدأ محمد على في تكوين طبقة من المتعلمين تعليمًا عاليًا، قبل إنشاء المدارس الابتدائية والثانوية، وساعده على ذلك وجود عددًا من المتعلمين الأزهريين، فأنشأ مدرسة المهندسخانة (الهندسة) عام ١٨١٦، ومثيلاتها ببولاق عام ١٨٣٤، ومدرسة المعادن ١٨٣٤، ومدرسة الألسن ١٨٣٦، ومدرسة المحاسبة ١٨٣٧، ومدرسة الفنون والصنائع ١٨٣٩.
أنشأ أول مدرسة حربية بأسوان ١٨٢٠، ومدرسة الطب بالقصر العيني ١٨٢٧ ومدرسة المشاة (البيادة) بالخانكة، ثم نقلت لدمياط ثم إلى أبي زعبل، ومدرسة الفرسان بالجيزة ، ومدرسة المدفعية بطرة (الطوبجية)، ومدرسة أركان الحرب بالخانكة، ومدرسة الموسيقى العسكرية، والمدرسة العسكرية المصرية بباريس ١٨٤٤.
اهتم الباشا بأمر البعثات العلمية لنقل التقدم العلمي لمصر، فأوفد بعثة عام ١٨١٣ إلى إيطاليا لدراسة الفنون العسكرية وبناء السفن والطباعة، وكانت أول بعثة علمية منظمة أرسلت إلى أوربا عام ١٨٢٦، وأعقبها فيما بين عامي ١٨٢٦ و١٨٤٧ تسع بعثات وتكونت من ٢١٩ طالبًا ذهب معظمهم لفرنسا، واتجه الباقون لإنجلترا والنمسا، وتخصص الطلبة في هذه البعثات في الهندسة والرياضيات والطبيعيات ومختلف الصناعات والنظم الحربية والعلوم السياسية والطب والحقوق.
كان التعليم تابعًا لنظارة الجهادية فأصدر الباشا أمرًا بإنشاء مجلس لتنظيم المدارس عام ١٨٢٦، وقرر هذا المجلس تقسيم التعليم إلى ثلاث مراحل ابتدائية، تجهيزية، خصوصية، وإنشاء خمسين مدرسة ابتدائية، وإنشاء مدرستين تجهيزيتين بالقاهرة والإسكندرية، ثم أنشأ محمد علي هيئة فنية للإشراف على التعليم (مجلس شورى المدارس)، ولكن التعليم ظل تابعًا للجهادية.
بمقتضى التنظيم الإداري – قانون السياستنامة- الصادر عام ١٨٣٧م، قام الباشا بإنشاء إدارة خاصة للمدارس سميت “ديوان المدارس” وهي أول وزارة للتربية والتعليم في مصر.
أنشأ مطبعة بولاق (١٨٢١، وأصدر جريدة الوقائع المصرية ١٨٢٨).
نظام الحكم والإدارة
جمع الباشا أو الوالي في يده كل السلطات، فأنشأ بعض المجالس أو الدواوين ليتشاور مع أعضائها قبل إبرام الأمور وأهمها: الديوان العالي أو مجلس الحكومة، والمجلس العالي (١٨٢٤- ١٨٢٥م)، والمجلس الخصوصي وكان يرأسه إبراهيم باشا، ثم حدد القانون الأساسي (قانون السياستنامة) الذي صدر عام ١٨٣٧ الدواوين واختصاصاتها، وظل هذا القانون سائدًا طيلة عصر محمد علي، وحصر السلطة في سبعة دواوين هي: ديوان الخديوي (وزارة الداخلية)، ديوان الإيرادات (المالية)، وديوان الجهادية (وزارة الحرب)، وديوان البحر (وزارة البحرية)، وديوان المدارس (وزارة التعليم والأشغال العمومية)، وديوان التجارة المصرية والأمور الأفرنكية (وزارة التجارة والشئون الخارجية)، وديوان الفابريقات (وزارة الصناعــة
قسمت مصر إلى خمس محافظات وسبع مديريات، وقسمت كل مديرية من هذه المديريات إلى مراكز، والمراكز إلى أقسام أو أخطاط، وسمى رؤساء المركز المأمورين ورؤساء الأقسام النظار.
الزراعـة
ألغى محمد علي نظام الالتزام في نظام حيازة الأرض الزراعية، وقام بتوزيعها على الفلاحين.
طبق الباشا نظام الاحتكار في بيع الحاصلات الزراعية، فتولت الحكومة البيع للأهالي ولتجار الجملة من الأجانب، كما تولت تصديرها للخارج، مما عاد على الباشا بمكاسب هائلة ساعدته على تغطية نفقات حروبه في الداخل والخارج، والقيام بالإصلاحات التي تطلبها البلاد.
أول من أدخل نظام الدورة الزراعية في الزراعة المصرية، وأحضر الخبراء الأجانب لتعليم الفلاحين الطرق الصحيحة لزراعة القطن والقصب والنيلة ، والفوة (أدخله الباشا مصر عام ١٨٢٥م)، والخشخاش، والتيل والزيتون، وغير ذلك.
أنشأ مدرسة الزراعة في شبرا ١٨٣٣، ثم نقلت لعدة أماكن عام ١٨٣٦ وعام ١٨٣٩، وعام ١٨٤٤، وفي عام ١٨٤٦ أنشأ محمد علي الإدارة الزراعية، وعنى بإجراء التجارب الزراعية وإرسال البعوث لأوروبا ومقاومة الآفات الزراعية.
أحضر من الخارج تقاوي نباتات مختلفة منها: شجيرات البن، الفاصوليا، اللوبيا، القمح، وأدخل إلى مصر شجر البرتقال والجوافة وشجرة التوت، والقلقاس وغيرها، ونجح في زراعة البطاطا والبطاطس.
أدخل زراعة قطن جوميل (نسبه إلى مكتشفه مدير مصانعه ببولاق وهو فرنسي)، وأصل بذرته من الهند.
الــري
أقام القناطر العديدة على الترع لضبط مياهها تيسيرًا للانتفاع بالري وأهمها: قناطر العيون التسعة على بحر مويس بالزقازيق، وقناطر المسلمية وبحر مشتول بالشرقية، وكان أهم أعماله بناء القناطر الخيرية وقد بدأ في بنائها عام ١٨٣٤، ولكنه توفي قبل الانتهاء منها.
عنى بشق عدد كبير من الترع في جميع المحافظات من أمثال: الخطاطبة والبوهية والباجورية. كما سد ترعة الفرعونية، وأنشأ الجسور على شاطئ النيل من جبل السلسلة إلى البحر المتوسط لمنع طغيان المياه على ضفتيه، وقام بإصلاح جسر أبى قير، واستطاع الباشا أن يحول كل أراضي الوجه البحري إلى نظام الري الدائم.
الصناعــة
في البداية طبق محمد علي نظام الاحتكار الصناعي على طوائف الحرف، وكان أول احتكار صناعي طبقه هو احتكار صناعة النشوق (الدخان) عام ١٨٠٩، مما أدى في نهاية الأمر إلى الأخذ بنظام الصناعة الحديثة والمصنع الكبير.
انقسمت الصناعات التي أدخلها محمد علي إلى مصر إلى ثلاثة أقسام
أولاً: الصناعات التجهيزية: وتمثلت في صناعة آلات حلج وكبس القطن، وفي مضارب الأرز، ومصانع تجهيزية لتجهيز النيلة، ومعاصر للزيوت، حيث توسع في استعمال الآلات البخارية، ومصانع لتحضير المواد الكيماوية، وقام الباشا باستبدال الطرق البدائية في الصناعة بالآلات الميكانيكية.
ثانيًا: الصناعات التحويلية: وهي التي تتعلق بالغزل والنسيج بكافة أنواعه، حيث أسس محمد علي مصنعين في الخرنفش وبولاق في نفس الوقت ١٨١٦، وهناك من يرجع ذلك إلى عام ١٨٢٤. وصناعة السكر في البرامون ١٨١٨. وأنشأ مصنعين للزجاج أحدهما عام ١٨٢١ بالإسكندرية والآخر عام ١٨٣٦.
ثالثًا: الصناعات الحربية: أسس دار الصناعة بالقلعة عام ١٨١٦، وترسانة بولاق، وأقام مصنعًا للحبال بالقاهرة عام ١٨١٩، ومصنع الأسلحة الصغيرة بالحوض المرصود عام ١٨٣١، ومعامل البارود، ومسابك الحديد، وترسانة الإسكندرية التي بدأ العمل فيها عام ١٨٢٩ وتم الانتهاء منها عام ١٨٣١.
التجارة
بعد تزايد مشروعات محمد علي في الزراعة والصناعة، كان عليه أن يعني بالتجارة لتسهيل تداول المنتجات الزراعية والصناعية لتكون له موردًا جديدًا من موارد الدولة، حيث تقدمت التجارة الخارجية في هذا العهد بسبب الزيادة في إنتاج المحاصيل الزراعية، ونجاح نظام الاحتكار الذي طبقه الباشا في المجالين الداخلي والخارجي، إلى جانب حنكته في تصريف فائض الحاصلات الزراعية في البلاد التي قام بافتتاحها.
أنشأ محمد على ديـوانًا مستقلاً للتجـارة عام ١٨٢٦ وجعل مقره الإسكندرية، ثم أنشأ عام ١٨٣٧ “ديوان التجارة المصرية والأمور الأفرنكية”.
ساعد على نجاح منظومة التجارة إنشاء بنك الإسكندرية عام ١٨٤٢، وإصلاح الباشا لنظم النقد عام ١٨٣٤، والعناية بالطرق والمواصلات، فبنى الباشا أسطولاً من المراكب لنقل السلع من أماكن إنتاجها إلى الأشوان والأسواق، واستخدم المراكب البخارية في النقل، ونظم نقل البريد، ومهد العديد من الطرق البرية، وأصلح الطريق بين القاهرة والسويس، ووسع وعمق ميناء الإسكندرية، وقام بحفر ترعة المحمودية، وبنى أبراج البرق (التلغراف)، مما ساعد على نجاح منظومة التجارة.
أعمـــال العمــران
عنى محمد علي بعمران المدن بما استحدثه فيها من المباني العامة كالقصور ودور الحكومة، وفتح وإنشاء الشوارع.
قصور محمد علي بالقاهرة: سراي شبرا، قصر أثر النبي، قصر الجوهرة، قصر الجزيرة الوسطى، وأنشأ بالإسكندرية قصر رأس التين، وقصر القباري، وابتنى القصور في بعض عواصم المديريات.
أنشأ دار المحفوظات بالقلعة، وبنى جامعه الكبير بالقلعة، وأنشأ دارًا للرصد (الرصد خانة) ودارًا للآثار.
أنشأ بالإسكندرية مجلس الأورناط ١٨٣٤، وكان أهم ما قام به إصدار لائحة لتنظيم البناء، ولائحة للصهاريج والمجاري، وصمم المهندس الإيطالى مانشينى ميدان الجيوش (القناصل) عام ١٨٣٤، ونظم المجلس إنشاء الطرق والميادين وأدخل نظام ترقيم المنازل.
من أهم الشوارع التي افتتحها محمد علي بالإسكندرية الشارع الذي افتتحه ليصل بين باب رشيد (طريق الحرية الآن)، وسراي رأس التين، كما فتح شارع الباب الأخضر المار في شرقي المستشفى الأميري إلى ترعة المحمودية وذلك عام ١٨٤٤.
قام الباشا عام ١٨٣٤ بإنشاء مجلس للإشراف على تجميل القاهرة وتعديل شوارعها، وصدر الأمر عام ١٨٤٦ بفتح وتوسيع شوارع الموسكي وبولاق وفم الخليج والقلعة، كذلك شرع في شق طريق من الموسكي إلى الأزهر (سمى السكة الجديدة فيما بعد).
أنشأ محمد علي مدينة الزقازيق في مناسبة بناء قناطر بحر مويس.
الصحــة
أنشأ مجلس الصحة ١٨٢٧، ومدرسة الطب عام ١٨٢٧، ومدرسة الصيدلة ومدرسة الولادة والممرضات، وبدأ التطعيم الإجباري، وأنشأ كلوت بك مجلس الصحة البحرية بالإسكندرية. وقام الباشا بمكافحة الأمراض والأوبئة في مصر، وإنشاء المحاجر الصحية.
أصدر الباشا قانون الصحة عام ١٨٤١م وهو أول تشريع صحي يصدر في مصر.
أواخر أيام محمد علي
تعرض محمد علي لمحنة قاسية أصابته في مقتل، عندما حاصرت الدول بأساطيلها سواحل الشام والإسكندرية، لتعرض عليه شروطها المجحفة التي تمخضت عنها تسوية ١٨٤٠-١٨٤١، وبالتالي ضاعت توسعاته هباء.
في الوقت نفسه فقد محمد علي الثقة في معظم أفراد أسرته، وخاصة إبراهيم ، لأنه ظن أنه يسعى للاستيلاء على الحكم، كما وجه انتقادات لشريف باشا رئيس المجلس الخصوصي، وعلل الباشا هذه الانتقادات بالتراخي في تنفيذ أوامره. ولكن سرعان ما تم تسوية الموضوع بين الباشا وابنه.
عقب موقف إنجلترا وفرنسا غير الودي من الباشا، قرر أخذ زمام المبادرة في محاربة نفوذهما فبدأ بشراء الشركة الإنجليزية التي كانت تدير المواصلات النيلية والبرية في مصر عام ١٨٤٢، ووضعها تحت إشرافه.
عندما تدهورت حالة محمد علي الصحية عام ١٨٤٧، أنشأ مجلسًا أسماه المجلس الخصوصي لإدارة شئون البلاد، ورأسه إبراهيم باشا.
بعد إصابة الباشا بوعكة صحية قرر الأطباء المشرفون على علاجه سفره لمالطة في رحلة بحرية في فبراير ١٨٤٨، وعهد الباشا إلى حفيده عباس باشا وابنه سعيد بتصريف شئون الدولة في أثناء غيابه، وسافر الباشا من مالطة إلى نابولي حيث كان يعالج ابنه إبراهيم هناك، ثم سافر الباشا لفرنسا لاستكمال علاجه، إلا أنه قرر العودة لمصر عقب قيام ثورة ١٨٤٨ في فرنسا.
عقب عودته أصيب الباشا في قواه العقلية مما أدى إلى تشكيل مجلس من اثنتي عشر عضوًا لتصريف شئون البلاد وتشكل من إبراهيم باشا رئيسًا وعباس باشا وسعيد باشا وغيرهم.
قام إبراهيم باشا بأعباء الحكم مكان والده، وأرسل السلطان خطًا همايونيًا في الرابع من يوليه ١٨٤٨، بتقليد إبراهيم ولاية مصر ابتداء من الثاني من سبتمبر ١٨٤٨، وتلى فرمان التولية في منتصف سبتمبر.
تدهورت صحة إبراهيم باشا وتوفى في العاشر من نوفمبر ١٨٤٨.
تولى سعيد باشا رئاسة المجلس الخصوصي مؤقتًا حتى وصل عباس باشا من الحجاز في ٢٦ من نوفمبر، وفي ٥ من ديسمبر تولى حكم مصر بعد وصول الفرمان السلطاني.
أدركت المنية محمد على باشا في ٢ أغسطس ١٨٤٩.