نهر النيل يجرى بين أسوان والبحر الأبيض المتوسط بإنحداريتراوح بين متر واحد لكل 15 كيلومترا من المجرى عند منطقة قنا إلى متر واحد لكل 11.4 كيلومتر عند منطقة بني سويف
ويقطع النهر مجراه خلال هذه الرحلة في رواسبه التي بناها بنفسه وتكونت عاماً وراء آخر في واديه ، ويتفرع النهر عند شمال القاهرة ، إلى فرعي دمياط ورشيد اللذين يشقان دلتا النهر في الوقت الحاضر
أما في الماضي فقد كان للدلتا عدد أكبر من الفروع كان أقصاها شرقاً الفرع البيلوزي الذي كان يصب إلى الشرق من بورسعيد في سيناء كما كان أقصاها غرباً الفرع الكانوبي الذي كان يصب إلى الغرب من الإسكندرية.
وقد ظل الناس في مصر لوقت طويل لا يعرفون المنبع الذي تأتي منه مياه النهر التي يعيشون عليها ولا سبب إرتفاعها كل عام فقد ظلت هذه أمور غامضة تغلفها الأساطير والطقوس، وكانت ظواهر النهر بالنسبة لهم جزءاً لا يتجزأ من النظام الكوني فكما تشرق الشمس وتغرب كل يوم ، فكذلك كان النيل يرتفع وينخفض في مواسمه التي كانوا ينتظرونها في رهبة ، ويحتفلون بها في طقوس مقدسة لقرون طويلة.
وعلى الرغم من تقدم مصر الكبير وإعتمادها شبه الكامل على مياه النيل فإن أحداً لا يبدو أنه إستطاع أن يتتبع النهر حتى منابعه إلا في القرن التاسع عشر الميلادي.وفي الحقيقة فإن أقصى منابع النيل في الجنوب لم تعرف تحديداً إلا في عام 1937 حين تم إقامة نصب نقشت عليه كلمتي “أصل النيل” في قرية روتانا بدولة بوروندي التي تقع جنوب خط الإستواء بحوالي درجات أربع, حيث ينبع نهر لوفيرانزا أقصى فرع إلى الجنوب لنهر روفوفو أحد فروع نهر كاجيرا الذي ينساب إلى بحيرة فكتوريا.
خصوبة أرض مصر
خصوبة أرض مصر التي زاعت شهرتها ، تأتى من الإرتفاع السنوي لنهر النيل الذي يترك ليغمر الأراضي لعدةشهور حتى ينحسر عنها عندما يقل إرتفاعه تاركاً وراءه طبقة من الطمي. وقبل بناء منشآت الري الكبرى خلال القرنين التاسع والعشرين في كل من مصر والسودان كان ري الأراضي معتمداً على ظاهرة إرتفاع مياه النيل السنوية والمنتظمة الإيقاع,والتي كان الناس ينتظرونها في ترقب وقلق كبيرين ذلك لأنه إذا جاء إرتفاع النيل ناقصاً أو زائداً على المنسوب المناسب لغمر الأراضي حل بالبلاد بلاء عظيم.
ويبدأ النهر في الإرتفاع بعد موسم الأمطار في أثيوبيا في شهر يونيه ، ويرتفع رويداً رويداً حتى يصل إلى أقصى إرتفاع له في نهاية شهر سبتمبر حين تغرق الأراضي وتبدو كما قال هيرودوت كبحر تبقى فيه المدن التي كانت تبني فوق الجسور العالية كالجزر كبيرة ، وفي شهر ديسمبر أو يناير يعود النهر إلى مجراه الأصلي ، ويظل ينقص في الإرتفاع بعد ذلك حتى يصل إلى أدنى مستوى له في شهر يونيه عندما يقل عرض النيل إلى أقل من النصف
ويعتبر نهر النيل واحداً من أنهار العالم القليلة ذات الإيقاع المنتظم ، والذي قلما تكون فيضاناته وأحداثه نتيجة أحداث مفاجئة أو عنيفة, ويرتفع في إنتظام وفي وقت مناسب من أوقات السنة حاملاً معه كمية من المياه عادة ما تكون كافية لزراعة الأراضي – ومن بين 820 فيضاناً سجلت إرتفاعاتها بمقياس الروضة بين القرنين السابع والخامس عشر الميلادي كان 73% منها “عادياً” أي كافياً لري الأراضي وإغراق حياضها بالماء اللازم لخصبها ولم يزد عدد الفيضانات الواطئة على 22% والفيضانات العالية والمدمرة على 5% ، كما كان هناك 7% من الفيضانات الواطئة التي تأخر وصول مياهها عن ميعاد الوفاء
معتقدات المصريين
وحتى وقت قريب كان المصريون يحتفلون ببدء إرتفاع النيل ، في ليلة السابع عشر من شهر يونيه الذي يوافق الثاني عشر من شهر بؤونة بالتقويم القبطي ، وهو الإحتفال الذي يعرف بإسم ليلة النقطة لأن المصريين كانوا يعتقدون أن نقطة من الماء لها فعل الخميرة تسقط فتسبب في تلك الليلة إرتفاعه.
ومن المرجح أن هذا الإحتفال قديم يعود إلى مصر القديمة – المصريون القدماء يعتقدون بأن زيادة النيل ترجع إلى دموع إيزيس التي كان تسكبها حزناً على زوجها أوزوريس الذي ذبحه أخوه ست – ويحتفل الأقباط المحدثون يوم 12 بؤونة من كل عام بعيد القديس ميخائيل – الذي يعتقد أنه يشفع للمصريين لزيادة نهر النيل – وكان المصريون يراقبون إرتفاع النيل بإهتمام كبير, ويعلنون من مدى إرتفاعه كل يوم في شوراع القاهرة بواسطة “منادي النيل” وعندما كان النيل يصل في إرتفاعه إلى منسوب 16 ذراعاً كان هذا نذيراً بقطع أو جبر الجسور والسماح لمياه النيل بالدخول إلى أحواض مصر الزراعية وإغراقها وكان إحتفال جبر الخليج هذا هو عيد وفاء النيل.
قياس منسوب النهر
وكان وصول إرتفاع النيل إلى منسوب الستة عشر ذراعاً مناسباً تماماً لري الأراضي خلال العصر الروماني ، وكذلك عند الفتح العربي, عندما كان يتم تسجيل هذه المناسيب في مقياس الروضة، الذي بني بقصى جنوي جزيرةالروضة بجنوب القاهرة – وفي القرن السابع الميلادي كان الفيضان حسناً عندما إرتفع النيل بمتوسط قدره 6.4 متراً فوق المتوسط الأدنى لإرتفاع الماء وهو 1.9 متراً فوق أرضية المقياس (أي عندما يصل منسوب الفيضان إلى 8.3 متر فوق أرضية المقياس) وكان هذا المنسوب هو علامة الستة عشر ذراعاً على مقياس ذلك الزمان – وقد كتب بليني (القرن الأول بعد الميلاد) أنه عندما يرتفع النيل لإثني عشر ذراعاً فإن (مقاطعة منف) تحس بالمجاعة,وكذلك عندماإرتفع إلى ثلاثة عشر ذراعاً, ولكن عندما يرتفع النيل إلى أربعة عشر ذراعاً تأتي الناس الفرحة وعندما يرتفع إلى خمسة عشر ذراعاً يتحرر الناس من الهموم إلى ستة عشر ذراعاً يجئ الخير والسعادة.
وقد ذكر عمرو بن العاص شيئاً مقارباً من هذا عندما أرسل إلى الخليفة عمر يصف أحوال مصر “إني وجدت ما تروى به مصر حتى لا يقحط أهلها أربعة عشر ذراعاً”, والحد الذي يروى منه سائرها حتى يفضل على حاجتهم ويبقى عندهم قوت سنة أخرى ستة عشر ذراعاً ، والنهايتين المخوفتين في الزيادة والنقصان ، وهو الظمأ والإستبحار ثمانى عشر ذراعاً في النقصان وثمانية عشر ذراعاً في الزيادة”.
الأهمية الاقتصادية
يشكل حوض النيل تنوعا جغرافيا فريدا، بدء من المرتفعات في الجنوب ويقل الإرتقاع حتي يصل إلي سهول فسيحة في أقصي الشمال. ولذلك نهر النيل هو النهر الوحيد الذي يجري من الجنوب إلي الشمال تبعا لميل الأرض.
يشكل النيل أهمية كبري في اقتصاديات دول حوض النيل، ففي مجال الزراعة يعتمد المزارعون في كل دول حوض النيل علي مياهه من أجل ري محاصيلهم. ومن أشهر هذه المحاصيل: القطن، القمح، قصب السكر، البلح، البقوليات، والفواكه الحمضية.
وفي مجال الصيد فيعتمد الصيادون علي الأسماك النيلية المتوفرة فيه، ويعتبر السمك من الأكلات المفضلة للكثير من شعوب هذه الدول. كما يشتهر نهر النيل بوجود العديد من الأحياء المائية أهمها تمساح النيل والذي بتواجد في أغلب مسار النيل.
النيل والسياحة
ففي مصر والسودان فتقوم عليه أحد أنواع السياحة وهي “السياحة النيلية”، في كل من مصر والسودان حيث تبحر الفلوكة حاملة السياح وزائرو البلاد في كل من قنا والأقصر وأسوان بمصر، وبين السدين الثالث والرابع في شمال السودان، بين جوبا وكوتشي
نهر النيل بالنسبه للمصرين هو شريان الحياة و ساعد المصرين في التقدم الزراعي و الصناعي و كان هو اساس تكوين المجتمعات العمرانيه بمصر .