مقدمة :
في كل دول العالم تحكي قصور الملوك والقياصرة الذين حكموها جزء من تاريخ تلك الدول وتشترك كلها في مظاهر البذخ والثراء والفنون المعمارية الفريدة
حتي تبقي نبراسا يذكر الأجيال الجديدة بعظمة وتاريخ الأجداد ولم تكن مصر ذات التاريخ الممتد استثناء من ذلك فبغض النظر عما تذخر به من كنوز الحضارة الفرعونية، ظلت القصور الملكية فيها مليئة بعوالم من الاسرار والحكايات حيث بقيت شاهدة علي تاريخ أمة وحياة شعب
شعب مرت به احداث وثورات غيرت مجرى التاريخ القديم والحديث فيه وخصوصية هذه القصور أيضا أنها مرت بمرحلتى حكم ملكى وجمهورى بما شمله من ملوك ورؤساء فقد سكن هذه القصور ملوك ورؤساء
بعضهم حقق تقدماً لبلاده وآخرين لن يذكرهم التاريخ وقصر الطاهرة من أبرز القصورالمصرية التي مازالت مقرا لحكام مصر مثل قصر رأس التين وقصر أنطونيادس اللذاين شهدا قرارات غيرت مصير مصر أما قصور القاهرة فهى عديدة مثل قصر عابدين لما شهده من أحداث وتاريخ هناك ايضا قصر الدوبارة وقصر القبة وقصر العروبة وقصر الطاهرة أوهو القصرالذي شهد حكم مبارك وفيه أنتهت حقبة حكمه التي يعتبرها البعض فترة حكم حالة الظلام في تاريخ مصر المعاصر
قصة قصر الطاهرة :
في أوائل الأربعينيات من القرن العشرين الماضي وتحديدا في عام 1941م إشترى الملك فاروق قصر الطاهرة من محمد طاهر باشا بمبلغ 40 ألف جنيه وإشترى الفيلا المجاورة له
وضم إليه عددا من الأراضى حتى بلغت مساحته 8 أفدنة وذلك لكي يقدمه هدية لزوجته الملكة صافيناز يوسف ذو الفقار التي لقبت بالملكة فريدة في أحد أعياد ميلادها وإنتقل محمد طاهر باشا للإقامة في فيلا أنيقة بحي الزمالك وقد تغير إسم هذا القصر أكثر من مرة حيث أطلق عليه فى البداية إسم ملحق قصر القبة
ثم قصر الضيافة الرسمى وفي عام 1980م أقامت بقصر الطاهرة الشهبانو فرح ديبا أرملة شاه إيران الراحل محمد رضا بهلوى الذى إستضافته مصر بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م وخلعه عن عرش إيران
لفترة قصيرة قبل إنتقالها للإقامة في فرنسا حيث كانت قد ساءت حالة القصر حىينذاك ففضلت الرحيل من مصر والإقامة بفيلا في جنوب فرنسا وجدير بالذكر أن بنات الملكة فريدة من الملك فاروق وهن فريال وفوزية وفادية كانوا قد رفعوا قضية في عام 1996م للمطالبة بإسترداد القصر
علي أنه كان ملكا لأمهم الملكة فريدة وهي لم تصبح من العائلة المالكة بعد طلاقها من الملك فاروق في أواخر الأربعينيات من القرن العشرين الماضي وبذلك فلا يجب مصادرته ولكنهم خسروا القضية وقد تم التفكير في وقت من الأوقات في أن يكون قصر الطاهرة هو قصر الحكم الرئيسي في مصر نظرا لفخامته وجماله وروعة تصميمه إلا أن صغر مساحته حالت دون ذلك
حيث لايكفي لقصر الطاهرة جميع إدارات وخدمات مؤسسة الرئاسة والأسم الذى اطلق على القصر مرَ بعدة مراحل ففى أثناء زيارة الأمير محمد رضا بهلوى
ولى عهد إيران لمصر في أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين الماضي أطلق عليه إسم ملحق قصر القبة ثم تم تغير أسمه إلى القصر الطاهرى حتى سمى أخيرا بإسم قصر الطاهرة وهو الأسم المتداول حالياً
نسبة إلي اللقب الذى أطلق علي الملكة فريدة حينها والتي أحبها الشعب المصرى جداً عند زواجها من الملك فاروق وحزن حزنا شديدا عند طلاقها منه وكان ذلك الطلاق سببا مباشرا في فقدان الملك فاروق للكثير من شعبيته وقد أطلق عليها الشعب المصرى لقب الطاهرة من فرط حبه لها كما أطلق علي القصر أيضا إسم تحفة القصور والسرايا الكبرى وقد تم تسجيله مؤخرا ضمن قائمة الآثار الإسلامية بهيئة الآثار المصرية في شهر مايو عام 2015م
نبذة عن محمد طاهر باشا :
ولد محمد طاهر باشا عام 1897م بمدينة إسطنبول بتركيا وعاش سنوات طفولته الأولي بها وقد عشق الرياضة منذ صغره وخاصة رياضة الرماية وقد برع فيها على المستويين
المحلي والدولي لكن عشقه للدراسة كان أكبر فتفرغ تماماً لها ودرس العلوم السياسية في سويسرا مجتهداً حتى حصل على شهادة الدكتوراه ثم عاد إلى مصر
لينخرط في الحياة السياسية ويصبح أحد وجهاء المجتمع بعدما تم إختياره عضوا في البرلمان المصري عدة دورات وحصل على لقب باشا قبل قيام الثورة المصرية في شهر يوليو عام 1952م ولم يتزوج إلا في سن متأخرة وكان هو أول من تولى منصب رئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية وقد تولاه كمنصب فخري
وبقرار ملكي في حين تحمل العبء الأكبر في إدارة الجمعية المؤرخ محمد شفيق غربال الذي تولى منصب نائب الرئيس في ذلك الوقت ثم عمل رئيساً بالنيابة منذ قيام ثورة 23 يوليو عام 1952م وحتى عام 1956م
عندما تم إنتخابه رئيسا للجمعية وكان محمد طاهر باشا محبا للرياضة ولذلك تم إختياره كأول رئيس للجنة الأوليمبية المصرية وللنادى الملكي للسيارات ولنادى محمد علي وهو يعتبر صاحب فكرة إطلاق الدورات المتوسطية بعد ان إستوحاها من الدورات الأوليمبية
وإعتبر محمد طاهر باشا أن تنظيم دورة رياضية تجمع دول شمال البحر الأبيض المتوسط بدول جنوبه وشرقه وغربه من شأنها توطيد أواصر الصداقة بين شباب هذه الدول المتجاورة على غرار الدورات الأوليمبية وبذات أهدافها النبيلة وحمل طاهر باشا على عاتقه مسؤولية إقناع الدول المطلة على البحر المتوسط للمشاركة فيها وفي عام 1948م
كانت لندن تستضيف إجتماعا للجنة الأوليمبية الدولية بمناسبة تنظيم لندن للدورة الأوليمبية العاشرة حينذاك وكان طاهر باشا عضوا في اللجنة ومندوبا لها في دول أوروبا وقام بطرح الفكرة التي حظيت بالقبول لدى عدد كبير من الدول المطلة على البحر المتوسط
كما قام صاحب الفكرة بإعلان إستعداد مصر لإستضافة الدورة الأولى وإتفق الحضور على أن تنطلق هذه الدورة في صيف عام 1951م بالإسكندرية وهي أكبر الموانئ المطلة علي البحر المتوسط وتشكلت لجنة مصرية لتنظيم هذه الدورة الوليدة برئاسة طاهر باشا وإفتتحها الملك فاروق وشارك فيها عدد 969 رياضيا ورياضية يمثلون 10 دول في 11 لعبة خلال الفترة من 5 الى 20 أكتوبر عام 1951م
وكانت الدول التي شاركت بتلك الدورة هي دولة أسبانيا وفرنسا وإيطاليا ويوغوسلافيا وأيضاً اليونان وتركيا وسوريا ولبنان ومالطة وإمارة موناكو بالإضافة إلى مصر بالطبع وإستغرق حفل الإفتتاح الرائع في ستاد الإسكندرية 22 دقيقة
وإحتلت فرنسا صدارة الدورة وجاءت إيطاليا ثانية ومصر الدولة المنظمة ونظرا لأن محمد طاهر باشا كان مواليا للألمان أثتاء الحرب العالمية الثانية فقد تم تحديد إقامته في منزل بحلوان
ثم في المستشفى العسكرى بحى القبة بالقاهرة ثم في سجن بسيناء وكان يقيم في القصر حينذاك أفراد من أسرته ثم تم الإفراج عنه مع قرب إنتهاء الحرب وهزيمة ألمانيا وقد عاش محمد طاهر باشا في أواخر حياته في إسطنبول بتركيا وتوفي عام 1970م إثر حادث سير تعرض له في إسطنبول عن عمر ناهز 73 عاما لكن بصماته على الرياضة في المنطقة العربية والقارية والدولية لا تزال واضحة المعالم حتي يومنا هذا
موقع قصر الطاهرة :
قصر الطاهرة الملكى يقع بشارع القبة بمصر الجديدة أنشأته الاميرة امينة اسماعيل عام 1941م وهذا القصر الذي بني في أوائل القرن العشرين
قد بنى على الطراز الإيطالي على يد المعماري الإيطالي أنطونيو لاشياك وتم بناؤه للأميرة أمينة إبنة الخديوى إسماعيل والدة محمد طاهر باشا و قصر الطاهره له ناصيتان ناصيه عند اول شارع طومانباي ف ميدان قصره الطاهره وبه البوابه الرئيسه للقصر والناصيه الاخري ناحيه شارع سليم الاول والشارع الموصل بينها يسمي شارع القبه
ومن عجائب الزمن ان شاء القدر و التخطيط العمراني في القاهرة أن يجعل العدوين متجاورين سليم الاول وطومانباي فى حى الزيتون الشرقية وعلي الجانب الاخر يوجد قصر القبه
فى الزيتون الغربيه ومع بدايه قصر سراي القبه والذي يبدأ من منزل كوبري سراي القبه علي ناصيه شارع ترعه الجبل للمتجه ناحيه السواح وينتهي
عند ميدان السواح على ناصيه شارع التروللي ثم ينعطف القصر يسارا حتي الوصول لكوبري القبه والبوابه الرئيسيه للقصر بمواجهه كوبري السيارات ثم ينعطف قصر الطاهرة يسارا مارا بمحاذاه سور مترو الانفاق مرورا بمحطة مترو حمامات القبه ووصولا الي محطه سراي القبه المواجهه للبوابه الفرعيه للقصر ويذكر أنه قد أنشآت هذه المحطة
محطة سراي القبه خصيصا حيث توجد بها استراحه ملكيه وتم إنشاء هذه المجطة محطة سراى القبة لنزول
جلالة الملك فاروق الأول من القطار ليعبر الطريق بضعه امتار معدودة ليدخل جلالته بوابه القصر علما بانه يوجد سرداب طويل موصل
مابين القصريين قصر القبه وقصر الطاهره ولمن لا يعرف بعدهما قصر آخر على بعد كيلو مترات منهما هو قصر الأمير يوسف كمال الذى يعتبر من أجمل القصور الملكية لأسرة محمد على وهذا القصر آلت ملكيته لوزارة الزراعة
نبذة تاريخبة :
عندما ضاق قصر القبة بالملك فاروق استهواه قصر صغير ورثه محمد طاهر باشا عن ووالدته الاميرة امينة هانم أبنة الخديوى اسماعيل والتى قامت بشراء قطعة أرض لتقيم عليها فيلا
ومنها انتقلت الملكية إلى ابنها محمد طاهر باشا ومن اسم طاهر باشا جاءت تسمية القصر بقصر الطاهرة وتم تحويل البناء من فيلا صغيرة إلى قصر على الطراز الإيطالي وقد أشرف علي التعديل المهندس الإيطالي الشهير أنطونيو لاشيك
وقد اشتراه الملك فاروق الأول بمبلغ ٤٠٠٠٠ جنيه من محمد طاهر باشا وأهداه إلى زوجته الأولى الملكة فريدة عام ١٩٣٩ وكانت مساحته 1300 متر مربع مبان تشمل الحرملك السلاملك و الجراج وجناح الخدم ثم اشترى سنه 1942 فيلا مجاوره وكانت مساحتها 6126 مترا مربعا وقد ضمها للقصر ثم ضم اليها الاراضى المجاوره وعندما اشتد الخلاف بين الملكه فريده والملك فاروق استرد هذا القصر من الملكه فريدة مقابل وقفه عليها 17000فدان تفتيش الفريدية بالشرقية
وقد إقام ولي عهد إيران محمد رضا بهلوي بقصر الطاهرة عام ١٩٣٩ في أثناء وجوده بمصر للزواج من الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق وقد انتقلت ملكية القصر إلى الملك فاروق
عقب الخلافات التي وقعت بين الملكة فريدة والملك فاروق وتسببت في طلاقهما عام ١٩٤٨ وأمر بإقامة سور كبير حول القصر والحدائق على غرار سراي القبة في عام 1953م تم مصادرة القصر
ضمن القصور الملكية التي صودرت بعد ثورة يوليو عام 1952م وتم بيع الكثير من أثاثه ومفروشاته وتحفه في العديد من المزادات التي كانت تنظمها الحكومة في محاولة للحصول علي أموال للخزانة العامة للدولة من أجل تمويل مشاريعها المختلفة وبعدها كان القصر يخصص لإقامة ضيوف مصر من الملوك والرؤساء
حيث أقام به رئيس مجلس الوزراء الفرنسى السابق ليونيل جوسبان عند زيارته لمصر في عام 1953م كما أقام به الملك سعود بن عبد العزيز
ملك المملكة العربية السعودية الأسبق عندما زار مصر وهو ملك للسعودية خلال المدة من يوم 23 إلي يوم 29 من شهر مارس عام 1954م وشهد القصر خلال تلك الزيارة جلسة تسوية مؤقتة
للأزمة التى حدثت بين الرئيسين الراحلين الرئيس محمد نجيب والرئيس جمال عبدالناصر في ذلك الوقت فيما أطلق عليه أزمة مارس 1954م ثم عاد وأقام به لفترة بعد تركه الحكم لشقيقه الملك فيصل بن عبد العزيز وفي عام 1955م
كان القصر مقرا لإقامة فتحية نكروما زوجة أول رئيس لجمهورية غانا بعد إستقلالها كوامى نكروما وأسرتها لبعض الوقت فى أعقاب تشكيل حركة عدم الإنحياز في العام المذكور
والتي كان الرئيس الغاني كوامي نكروما أحد مؤسيسها بالإضافة إلي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وأيضاً الرئيس اليوغسلافي آنذاك جوزيف بروز تيتو والرئيس الأندونيسي الأسبق أحمد سوكارنو كما شهد القصر أيضا في عام 1963م تصوير العديد
من المشاهد بفيلم الأيدى الناعمة والذى كان أبطاله الفنانين والفنانات أحمد مظهر وصباح ومريم فخر الدين وصلاح ذو الفقار وليلى طاهر وفي تكتم شديد جداً وقبل قيام حرب السادس من أكتوبر عام 1973م بأيام جري تحويل أجزاء من القصر إلى غرف متابعة للحرب حيث غطت الخرائط الضخمة لسيناء المرايا البلجيكية المتواجدة بالقصر وأيضا غطت صور منطقة قناة السويس
التذكارات واللوحات التى كانت تزين جدرانه كما إتخذه الرئيس الراحل أنور السادات أثناء حرب أكتوبر مقرا لإقامته لقربه من مركز عمليات القوات المسلحة بمدينة نصر
وتوجد به صورة شهيرة للرئيس الراحل أنور السادات وحوله قادة القوات المسلحة يقفون حول طاولة كبيرة يتناقشون عليها في خطط العمليات الحربية وهى نفسها طاولة البلياردو الأثرية النادرة التى كان
قد أحضرها الملك فاروق من قصر محمد على باشا بشبرا الخيمة وضمها للقصر وكانت في الأصل قد أهديت لمحمد علي باشا من لويس فيليب ملك فرنسا الذى كانت تربطه بمحمد علي باشا صلات وعلاقات قوية
وكانا يتبادلان الهدايا بإستمرار وكان مما أهداه ملك فرنسا لمحمد علي أيضا ساعة دقاقة موجودة داخل البرج النحاسي المزخرف الملحق بمسجد محمد علي بالقلعة وكان مما أهداه محمد علي له أحد مسلتي معبد الأقصر الكائنة حتي اليوم بميدان الكونكورد بقلب العاصمة الفرنسية باريس إلي جانب زرافة كان قد إستجلبها محمد علي من بلاد السودان بعد فتحها وخضوعها للسيادة المصرية وقد اطلق عليه اسم تحفه القصور والسرايا الكبرى ففي عام ١٩٢٤
قصر الطاهرة تحفة القصور :
تم بناء هذا القصر في أوائل القرن العشرين الماضي وذلك علي يد المهندس المعمارى الإيطالي أنطونيو لاشياك ليكون ملكا للأميرة الجميلة
أمينة إبنة الخديوى إسماعيل وإبنها محمد طاهر باشا والذى آلت إليه ملكية القصر بعد وفاة والدته حيث كان الوريث الشرعي الوحيد لها وذلك في منطقة حدائق القبة
بشرق القاهرة علي مقربة من قصر القبة الذى كان يقيم به الملك فؤاد خال محمد طاهر باشا في المنطقة مابين ميدان روكسي وحدائق القبة وتم البناء علي الطراز الإيطالي كما يظهر جليا في السلالم الرخامية والأسقف المرمرية الرائعة بالقصر وكان هذا المهندس المعمارى الإيطالي من أبرع المهندسين الأجانب الذين عملوا في مصر في تلك الفترة وله أعمال عديدة أخرى
منها الفرع الرئيسي لبنك مصر بشارع محمد فريد والمبني القديم لوزارة الخارجية المصرية بميدان التحرير ومبني محلات صيدناوى بميدان الخازندار إلي جانب تصميمه لعدة قصور لأفراد من العائلة المالكة مثل قصر الأمير يوسف كمال بحي المطرية وقصر الأمير سعيد باشا حليم بشارع شامبليون بوسط القاهرة وقصر الطاهرة شاهد على أهم الأحداث التاريخية بمصر المحروسة حيث إن القصر يوجد بمنطقة سراي القبة
وهو واحد من أجمل القصور التي شيدت في عهد أسرة محمد علي بالقاهرة وهو شاهدا على أهم الأحداث التاريخية التي حدثت في تلك الحقبة الزمنية حتى اندلاع أحداث يوليو عام 1952 وإعلان الجمهورية
ومن أهم الأحداث التي شهدها ذلك القصر انه كان مسرحا لعمليات حرب أكتوبر ومقر إقامة اللقاءات بين القادة للاستعداد للحرب عام 1973
وقد قام ببناء قصر الطاهرة المعماري الإيطالي أنطونيو لاشياك للأميرة أمينة عزيزة ابنة الخديو إسماعيل ووالدة محمد طاهر باشا وقد تم بناء القصر على الطراز الإيطالي ويظهر ذلك جليًا في السلالم الرخامية والسقوف المرمر الرائعة ويعتبر أنطونيو لاشياك من أعظم المعماريين الأجانب الذين جاءوا إلى مصر
فهو الذي صمم مجموعة كبيرة من مباني منطقة وسط البلد مثل الفرع الرئيسي لبنك مصر وعمارات الخديوية والمبنى القديم لوزارة الخارجية المصري بميدان التحرير ومدرسة الناصرية
بشارع شامبليون ومبنى محطة الرمل بالإسكندرية وعندما احترق قصر عابدين رممه وأعاده أفضل مما كان عليه وتتضح براعة لاشياك في قصر الطاهرة حيث استغل كل ركن به وعلى الرغم من مساحته الصغيرة إلا انه أصبح من أجمل القصور على غرار القصور الملكية
والقصر تحيطه حديقة بديعة خلقت تناسق رائع بين بهاء المبنى والطبيعة الخلابة المحيطة به وكان لتأثيثه من الداخل واختيار ديكوراته دور مهم فى توفير الشعور بالترحاب والراحة للزائر والمقيم حيث وزعت التحف وقطع الأثاث داخل الغرف بتناسق وجمال ينم عن ذوق رفيع وقد كان جار طاهر باشا الوحيد خاله الملك فؤاد الذي كان يقيم في قصر القبة وعلى الرغم من زواج طاهر باشا الملكي لفترة قصيرة
من إحدى بنات عمومته حيث كان هذا الحفيد الوحيد من أحفاد الخديوى إسماعيل والذي عاش أعزب ولم ينزوج معظم حياته فقد ولد محمد طاهر باشا في إسطنبول
واعتبر محمد طاهر تركياً أكثر من كونه مصرياً بعد أن أمضى جزءا من طفولته بين الضواحي الراقية في إسطنبول وكان طاهر باشا مولعا بالرياضة ولذلك كان أول رئيس للجنة الاولمبية المصرية وراعى للأنشطة الرياضية الأخرى و تشمل نادي محمد علي النادي الملكي للسيارات و نادي الفروسية وقد عرف عن طاهر باشا موالاته للألمان ف إبان الحرب العالمية الثانية
فأمرت بريطانيا بوضعه تحت الإقامة الجبرية داخل منزل بحلوان وتم إيداعه في المستشفى العسكري بالقبة وفيما بعد وضع
في سجن بسيناء وانتقل بعد ذلك للعيش واستكمال حياته في فيلا بالزمالك هذه وقد سكن القصر بشكل مؤقت بعض أفراد العائلة المالكة وفى عام 1941 قام الملك فاروق بشراء القصر باسم الملكة فريدة بمبلغ 40 ألف جنيه واشترى الفيلا المجاورة له وضم إليه عددا من الأراضي حتى بلغت مساحته 8 أفدنة ثم استرده منها مقابل 117 فداناً بمحافظة الشرقية هذا
الوصف المعمارى :
يتكون قصر الطاهرة من القصر الرئيسي وملحقه الصغير المبنى الإداري وصهريج المياه ومبنى الجراج وقائد السرية وحديقة وسور القصر وبالقياس للقصور الملكية الأخرى
يعد هذا القصر صغير نسبيا ولكن براعة مصمم القصر مكنته من إستغلال مساحة القصر الصغيرة بتوازن وجاذبية في الشكل و بحديقة القصر نافوره تمثل ربة البحر الأغريقية القديمة والحديقة أيضاً بها اجمل انواع الزهور فلا ارتفاع للمبانى حولها ولا صفير القطارات وكان لتأثيثه من الداخل وإختيار ديكوراته دورا مهما في توفير الراحة والسكينة للمقيمين بالقصر وزائريه حيث وزعت التحف وقطع الأثاث
داخل الغرف بتناسق وجمال ينم عن ذوق رفيع كما يحتوى القصر على عدد من التحف والتماثيل الرخامية لفنانين إيطاليين ويحيط بالقصر حديقة بديعة متناسقة مع مبنى القصر وتحيط به وتتميز بطبيعة خلابة وتشمل أشجار ونباتات وأزهار وورود نادرة ورغم صغره الا انه يحتوى على مجموعة نادره من التحف الرائعه كطاوله البلياردو المصنوعه من الابنوس المطعم بالذهب و كرسي عرش محمد على من الذهب ويحتوي قصر الطاهرة على عدد من التحف والتماثيل الرخامية لفنانين إيطاليين فكان بمثابة متحف للنوادر و الروائع من التحف الملكية وتابلوهات لأشهر رسامين فى العالم
أهم المشاكل التى عاصرها القصر :
قد حالت المساحة الصغيرة لقصر الطاهرة دون تحويله إلى مقر للحكم وعلى الرغم من صغر حجمه فهو من أفخم القصور فى العالم وقد تم تم مصادرة القصر مع بقية القصور التى تنتمي إلى سلالة عائلة محمد علي عام 1953 و ذلك بعد سقوط الحكم الملكي وتم بيع أغلب مقتنياته في مزاد تحت إشراف الدولة وقد شهد قصر الطاهرة العديد من الصراعات على ملكيته ففي عام 1996 خرج بنات الملك فاروق يطالبن بأحقيتهن في القصر من الناحية القانونية وأنه ملك لوالدتهن الملكة فريدة وأن الملك فاروق قام بشرائه عام 1941 بمبلغ أربعين ألف جنيه وكانت حجتهم أن فريدة ذو الفقار كانت متزوجة من الملك ولم تكن من سلالة محمد علي وبالتالي لا يحق تنفيذ قانون المصادرة عليها . ولكن بنات الملك فاروق الثلاث من فريدة لم يكسبوا القضية وما صودر ظل مصادرا
أهم الأحداث التاريخية التى واجهة القصر :
وعن اهم الاحداث التاريخية التي شهدها القصر فقد شهد جلسة عمل تاريخية طوال الليل بين الرئيس محمد نجيب والرئيس جمال عبد الناصر
خلال زيارة الملك سعود ملك المملكة العربية السعودية في زيارته لمصر والذي نزل ضيفًا على القصر أثناء زيارته فى مارس 1954 وكان دافع تلك الجلسة هو اقامة تسوية مؤقتة بين الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس محمد نجيب محمد نجيب كما أن القصر كان مقرا لإقامة فتحية نكروما زوجة أول رئيس لغانا كوامي نكروما وأسرتها لبعض الوقت
في أعقاب تشكيل حركة عدم الانحياز التى تأسست من 29 دولة وهى الدول التى حضرت مؤتمر باندونج عام 1955 وهذه الحركة كانت فكرة جواهر لالا نهرو والرئيس جمال عبد الناصر
والرئيس اليوغسلافى تيتو كما كان القصر مقراً فيما بعد لإقامة أرملة شاه إيران عام 1980 وقد أقام فيه رئيس الوزراء الفرنسي السابق ليونيل جوسبان هذا وقد شهد قصر الطاهرة اهم حدث في تاريخ مصر الحديث
فقد كان مسرحا لعمليات حرب أكتوبر 1973 حيث توجد به صورة شهيرة للرئيس الراحل أنور السادات وحوله رجال الجيش يقفون حول طاولة كبيرة يناقشون عليها خطة الحرب وهي نفسها طاولة البلياردو التي كان أحضرها الملك فاروق من قصر محمد علي في شبرا الخيمة وضمها لقصر الطاهرة
وخلال عام 1973 شهد قصر الطاهرة لقاءات عديدة فى منتهى الأهمية وذلك للأستعداد لحرب أكتوبر المجيدة والتى تجمع القيادات العسكرية ولواءت أركان الحرب وكان هناك نشاط من نوع مختلف
حيث كان هناك تكتم شديد وتم تحويل أجزاء من القصر إلى غرف متابعة للحرب وهى غرفة عمليات حرب أكتوبر فقد غطت الخرائط الضخمة لسيناء المرايا البلجيكية وأيضا التذكارات واللوحات التي كانت تزين الجدران غطتها صور منطقة قناة السويس حيث وجه السادات تعليماته بشأن عبور القناة من ذلك المكان
تسجيل قصر الطاهرة كأثر تاريخى :
في مايو عام 2015 صدر قرارا باعتبار قصر الطاهرة وملحقاته أثرا تاريخيا ويسجل في عداد الآثار الإسلامية والقبطية طبقا لما هو موضح بالحدود والمعالم بالمذكرة الإيضاحية
والذى جاء فيها أن هذا القصر الواقع بشارع سليم الأول بمنطقة الزيتون والذى أنشأه الخديو إسماعيل في منتصف القرن التاسع عشر لابنته الأميرة أمينة هانم والدة محمد طاهر باشا وقد أطلق عليه اسم تحفة القصور والسرايا الكبرى وسمي شعبياً بقصر الطاهرة نسبة إلى الملكة صافيناز ذو الفقار التي لقبت بالملكة فريدة وأطلق عليها الشعب لقب الطاهرة وقد كانت متزوجة من الملك فاروق هذا وقد استعاد قصر الطاهرة جماله وبريقه من جديد وبرغم من صغر مساحته الا انه من اجمل القصور