أحدث المقالات
الرئيسية / تاريخ مصر / مصر الحديثة / الخديوي عباس حلمي الثاني

الخديوي عباس حلمي الثاني

مقدمة:

من حوالى مائة عام حكم مصر رجلاً خاف منه  الأنجليز ودول الغرب وهو سابع حاكم حكم مصر من أسرة محمد على

وهو آخر خديوى من أسرة محمد على لمصر و السودان وحكم مصر لمدة 22 عام وهو من قام بتحديث تاريخ مصر

وكان الخديوى عباس حلمى الثانى له الفضل فى أن تكون القاهرة من أفضل مدن العالم فيعتبر أنه صنع للتاريخ حقبة من الزمن يطلق عليها تاريخ مصر الحديث

وهو أيضاً أول من أسس التعليم العالى فى مصر بمواصفات عالمية حديثة وأيضاً وكذلك هو من وضع حجر الأساس لجامعة القاهرة أول جامعة فى مصر

وقام الخديوى عباس حلمى الثانى بافتتاح الجامعة المصرية ومن أهم أعماله أيضاً وضع حجر الأساس لمحطة قطار رمسيس ويرجع له الفضل فى تأسيس المتاحف المصرية ويطلق عليه أبو المتحفيين

نبذة تاريخية :

عباس حلمي الثاني بن محمد توفيق بن إسماعيل خديوي مصر من 8 يناير 1892 إلى عزله في 19 ديسمبر 1914

ولكنه كان الحاكم الفعلى للبلاد حتى تنازل عن العرش لعمه الملك فؤاد وهو سابع من حكم مصر من أسرة محمد علي وآخر خديوي لمصر والسودان

وأم الخديوى عباس حلمى الثانى هي أمينة هانم إلهامي حفيدة السلطان العثماني عبد المجيد الأول ولد بمدينة الأسكندرية فى 14 يوليو عام 1874 وأنه يعتبر أفضل حكام أسرة محمد على فهو الوطنى عباس حلمى الثانى خديوى مصر والسودان

وقد تعرض لعمليه أغتيال وهو فى منفاه بسويسرا ويعرف أنه كان يحمل المصحف الشريف فى يده ليس فقط

بل كان حافظاً للقرآن كله وأخد مخصاصته الماليه 30000 الف جنيه مصري وهذا المبلغ فى هذا الزمان كان مبلغاً كبيراً

وأستمر يتنقل بين ربوع أوروبا حتى توفى فى  مدينه نيس ع سواحل المتوسط وجاء إلي مصر ليدفن فيها عام 1944 فى مقابر مسجد الرفاعي والخديو عباس له من إلانجازات التى مازلنا نراها ونعمل بها ومشكلته مع إلانكليز أنه رجلاً وطنى من الطراز الأول ومحب للعثمانين جداً

النشأة :

هو أكبر أولاد الخديوي توفيق أبن الخديوى أسماعيل ولد في غرة جمادى الآخرة سنة 1291 هـ 14 يوليو 1874 وتوفى فى 19 ديسمبر 1944

والتحق الخديوى عباس حلمى الثانى في يناير 1881 بالمدرسة العليا التي كان أبوه الخديوى توفيق قد أسسها في عابدين

وفي سنة 1884 التحق وأخوه بمدرسة هكسوس بسويسرا ثم انتقلا سنة 1888 إل مدرسة ترزيانوم بالنمسا لدراسة العلوم السياسية والعسكرية وعند بلوغه الثامنة عشرة مُنح رتبة الباشوية لكونه ولي عهد البلاد

وفي يوم الجمعة 8 يناير 1892 وردت إلي عباس حلمى في مدينة فيينا برقية من رئيس مجلس النظار تبلغه بوفاة أبيه فاستعد للعودة إلى مصر

وفي اليوم التالي وصلت إلى رئيس مجلس النظار المصري برقية من الصدر الأعظم للدولة العثمانية بتولية عباس حلمي باشا خديوية مصر وفقًا لفرمان وراثة الخديوية المصرية وكما ذكرنا لكونه أكبر أبناء الخديوي المتوفى وكلّف الصدر الأعظم رئيس مجلس النظار بالاشتراك مع هيئة نظاره بإدارة شؤون البلاد

وذلك لحين وصول عباس حلمي إلى مصر وبالفعل وصل عباس حلمي الثاني إلى مدينة الإسكندرية

وذلك صباح يوم السبت السادس عشر من يناير ثم توجه من فوره بالقطار إلى عاصمة مصر وهى مدينة القاهرة

فوصلها في الثانية بعد ظهر اليوم ذاته وفي يوم الإثنين الثامن عشر من يناير تولى الخديوى عباس حلمي شؤون منصبه رسميًا وكان فى ذلك الوقت شاباً صغير السن يبلغ من العمر 20 عاما

الحياة الشخصية للخديوى :

وعن الحياة الشخصية للخديوى عباس حلمى الثانى أنه تزوج مرتين الأولى من إقبال هانم وتزوجها فى التاسع عشر من فبراير 1895ميلادية

وأنجب 6 أبناء هم الأمير محمد عبد المنعم الذى يعتبر الوصى على العرش بعد ثورة يوليو ووالد البرنس محمد عباس حلمى الملقب بالثالث

والأمير محمد عبد القادر والأميرة أمينة والأميرة عطية الله والأميرة فتحية والأميرة لطيفة شوكت

أما زوجته الثانية فهى جاويدان هانم وتزوجها فى مارس 1910ميلادية  وطلقها فى 1913ميلادية ولم ينجب منها

وتوفى الخديوى عباس حلمى الثانى فى منفاه فى سويسرا فى 19 ديسمبر 1944 أثناء حكم الملك فاروق لمصر ومن الصدف أن تاريخ وفاة الخديوى عباس حلمى الثانى يوافق نفس تاريخ خلعه عن الحكم بعد 30 عاما

ونظرا لظروف الحرب العالمية الثانية وقت وفاة الخديو عباس حلمى الثانى فقد عاد جثمانه إلى مصر

وذلك فى السادس والعشرون من شهر أكتوبر سنة 1945 ميلادية وتم دفن جثمان الخديوى عباس حلمى الثانى

فى تربة قبة أفندينا وهى مقابر أسرة الخديوى توفيق وكل أسرة محمد على بمسجد الرفاعى بالقاهرة حيث أنه أوصى بإنه يدفن بعد موته فى بلده مصر وفى مقابر الأسرة العلوية

تولية عباس حلمى حكم مصر :الأمير عبد القادر

فور وفاة الخديوى توفيق تم إبلاغ أكبر أبنائه عباس باشا حلمى الثاني والذى كان يدرس العلوم العسكرية فى فيينا للعودة فورا لتولى الحكم

وكان عمر عباس حلمى الثانى 18 عاما فقط حين تولى الحكم وكان قد تلقى تعليما رفيع المستوى فى سويسرا وباريس والنمسا ورغم ذلك لم يكن قد امتلك خبرات سياسية واسعة إبان توليه الحكم

لأنه وبعكس أبيه وجدّه لم يمكث قريبا من القصر وذلك ليتعلم الخبرات السياسية ولم يتولَ مناصب تنفيذية كبرى أثناء ولاية عهده ومن ثم فقد كان وقت توليه الحكم فى 1892 شابا مثقفا ومتعلما ولكن دون أى خبرات سياسية

فى بداية الأمر رحب الإنجليز على الفور بتولى عباس حلمى الثانى ذلك أنهم آمنوا أن صغر سنه وانعدام خبراته سيسهل لهم السيطرة عليه كما فعلوا مع والده الخديوى توفيق وجدّه ورغم ذلك فلم تكن علاقته بالإنجليز على ما يرام فى الكثير من الأوقات

ويذكر إن الخديوى عباس حلمى الثانى أبن الخديوى توفيق قد سافر للأستانة مقر الحكم ليشكر السلطان عبد المجيد على الثقة التى أولاها له

وحتى ينال تأييده دائماً على خطوات العودة المصرية لحضن الخلافة وشجعه على ذلك السلطان عبد الحميد الثانى

وذلك على قوة معارضتة لإنجلترا دولة الأحتلال وقد وعُرف عن الخديوى عباس حلمى الثانى حسه الوطنى العالى وحبه الشديد لمصر

أعماله بعد توليه حكم مصر :

فتح السودان : طلب الإنجليز من مصر إعادة فتح السودان بأموال مصرية ورجال من مصر ومع هذا استولى الإنجليز عليها مما زاد من كراهية المصريين للإنجليز

خاصة مع ظهور مصطفى كامل ومقالتة في جريدة اللواء ودعوته لوحدة مصر مع دولة الخلافة وفى الحرب بين إنجلترا والعثمانيين : حاول الإنجليز دق إسفين بين مصر والدولة العثمانية

وفكروا في إقالة قاضي القضاة العثماني وتعيين قاضي مصري فصرح أن تعيين قاضي شرعي في مصر ليس من سلطته ولكن من سلطة الخليفة الأعظم

وفي لقائه مع لورد كرومر تمكّن الخديوي عباس من فرض وجهة نظره ليحقق انتصار سياسي بعد عدة هزائم وفي 1904 وقع اتفاق ودي بين إنجلترا وفرنسا بمقتضاه تطلق إنجلترا يد فرنسا في مراكش وتطلق فرنسا يد إنجلترا في مصر وبهذا خسرت مصر النقد اللاذع من الفرنسين للإنجليز فإضطر لمهدانتهم وفي عام 1906 وقعت حادثة في دنشواي وعقدت محاكمة للأهالي وصدر ضدهم أحكام قاسية

وسافر مصطفى كامل لإنجلترا وشرح المأساة حتى نجح في خلق رأي عام ضد سياسة لورد كرومر في مصر

واستجابت الحكومة البريطانية فى إنجلترا ومجلس النواب وهاجم الأديب أيرلندي جورج برنارد شو الاحتلال

فأعفي لورد كرومر من منصبه في 12 أبريل 1907 وفى حفل وداع اللورد كرومر أثنى على الخديوى توفيق وعلى نوبار باشا وتجاهل الخديوى عباس الثانى

سياسة الخديوى عباس حلمى فى الحكم :

حاول عباس حلمي الثاني أن ينتهج سياسة إصلاحية ويتقرب إلى المصريين ويقاوم الاحتلال البريطاني وبعد عام من توليه الحكم أقال وزارة مصطفى فهمى باشا

مما أحدث أزمة مع إنجلترا وتحدى المندوب السامى البريطانى لورد كرومر وطلب منه الوفاء بالوعد لإن الأنجليز وعدوا بترك مصر

أرسل اللورد كرومر لوزارة الخارجية فى إنجلترا ليشكو الخديوى عباس حلمى بسبب طلبه الوفاء بالوعد حيث إن أنجلترا وعدت بترك مصر وهذا الوعد جاء فى تصاريح الوزراء فى إنعقاد مجلس النواب مما سبب قلقاً شديداً من الخديوى

وخاصة بعد ذيادة شعبيته ففى ذات يوم عندما ذهب لصلاة الجمعة فى مسجد الحسين فى 11 يناير 1893م دوت الهتافات بحياته وارتفع صوت الدعاء له وعبر الجميع عن حبهم له

وهذه الشعبية التى منحها المصريين للخديوى عباس حلمى الثانى سببت قلق عند الأنجليز أدى إلى إن  كل الجهات فى إنجلترا عدا وزارة الخارجية كانت تطالب بخلعه

وفى 19 ديسمبر 1914م صدر القرار بعزله وجاء فيه: يعلن وزير الخارجية لدى جلالة ملك بريطانيا العظمى أنه بالنظر لإقدام سمو عباس حلمى باشا خديوى مصر السابق على الانضمام لأعداء جلالة الملك

رأت حكومة جلالة الخديوى عباس حلمى الثانى ضرورة خلعه من منصب الخديوى فانتهزوا فرصة بوادر نشوب الحرب العالمية الأولى

وكان الخديوى عباس حلمى الثانى حينها خارج مصر فاستغلوا هذه الفرصة فخلعوه تماماً من الحكم وطلبوا منه عدم العودة إلأى مصر ونصبوا عمه حسين كامل سلطانًا على مصر بدلًا من أن يكون لقبه خديوي وفرضوا على مصر الحماية رسميًا

مواجهة الخديوى لسياسة الأنجليز :

شهدت فترة حكم الخديوى عباس حلمى الثانى  والتى استمرت 22 عاما العديد من الأحداث الوطنية الجسيمة التى أضافت لرصيده أحيانا وخصمت من رصيده فى معظم الوقت

ورغم صغر سنه إلا أنه وبعد توليه الحكم حاول اتباع سياسات داخلية وخارجية إصلاحية ففى السياسة الداخلية حاول الاستقلال بصنع القرار فى القصر والنظارة ومجلس النواب عن هيمنة الإنجليز

كما حاول التقرب أكثر من المصريين لإزالة الآثار السلبية التى تركتها ثورة عرابى وما تلاها من احتلال إنجليزى لمصر على علاقة القصر بالمصريين وخارجيا حاول الضغط على الإنجليز للانسحاب من مصر

كما حاول التقرب والتودد من السلطان عبدالحميد الثانى فى إسطنبول لرأب التصدعات التى استمرت لعقود بين القصر والباب العالى وكانت أول صداماته مع الإنجليز حينما اتخذ قراره بإقالة وزارة مصطفى فهمى باشا فى 1893

وذلك لعدم رضائه على أدائها وأيضاً لعدم ثقته بخصوص علاقاتها بالإنجليز وممثلهم اللورد كرومر وقد أدى هذا القرار إلى غضب اللورد كرومر وأمام تصميم الخديوى عباس على القرار كانت أولى أزماته مع إنجلترا لم يكن الخلاف فقط على شخص مصطفى فهمى فالخديوى الجديد كان قد فطن إلى استخدام اللورد كرومر لعدد كبير من مستشارى النظارات والمصالح الحكومية للتدخل فى كل الشأن المصرى ومن هنا فقد قام أيضا باستبعاد بعض هؤلاء المستشارين وهو ما كان يعنى لكرومر أن قدرته على السيطرة أخذت فى التلاشي!

خلافات الخديوى عباس حلمى مع الأنجليز :

وواصل الخديوى عباس حلمى الثانى سياسة التحدى للاحتلال وبإيعاز منه قررت لجنة مجلس شورى القوانين رفض زيادة الاعتماد المخصص للجيش البريطانى وتخفيض ضرائب الأطيان وتعميم التعليم

فاتهمه الإنجليز بأنه نسق مع نظارة مصطفى رياض باشا ولجنة المجلس ولهذا اضطرت نظارة مصطفى رياض باشا للرضوخ لرغبة الإنجليز وزيادة الاعتمادات وظلت الخلافات كبيرة ووصلت إلى حد العداء الصريح بين كرومر وبين الخديوى

فالأخير كان دائم تغيير النظارات كلما شعر بتزايد هيمنة الإنجليز عليها والإنجليز بدورهم لم يكن يروق لهم الأمر فواصلوا الضغوط على القصر حتى انتصروا بتثبيت وضع نظارة مصطفى فهمى مرة أخرى فى 1895 وقد ظلت هذه الوزارة قائمة مدة 13 عاما ولم تُقل إلا بعد رحيل كرومر فى 1907 والكثير من مواجهات الخديوى عباس مع كرومر وفطنته

وذلك لمحاولة الأخير التخلص منه بعد أن اكتشف أن صغر سن الخديوى إنما هو مصدر قوة وليس ضعف وأن ضعف خبراته السياسية لم يَحُل بين الخديوى وبين قدرته على إدارة شئون البلاد فى كل النواحى

وذلك للدرجة التى أوصلت كرومر إلى الشكوى إلى حكومته فى بريطانيا مما أسماه تدخل الخديوى فى شئون البلاد وكأن من الطبيعى أن لا يتدخل فى حكم بلاده ويتركها للإنجليز

وهو قطعا تعبير واضح جداً عن الغرور والصلف الذى كان يتمتع به الاحتلال الإنجليزى وقد كان لهذه المواقف الوطنية المبكرة للخديوى عباس الثانى أثر جيد فى نفوس المصريين حيث ارتفعت شعبيته لديهم

تصادم عباس مع الإنجليز مجددا بخصوص محاولة الأول خفض مدة التجنيد الإجبارى من 5 سنوات إلى 3 سنوات لأنه فطن أن معظم أبناء الجيش المصرى المجند إجباريا هم من المزارعين وأن طول فترة خدمتهم فى الجيش لم تكن تفيد سوى الإنجليز بينما تضررت الأعمال الزراعية من ذلك بشدة!

كذلك فقد عاد التصادم مجددا حينما أخذ الخديوى يزور العديد من النقاط الحدودية المصرية وحينما كان فى الجنوب فقد وجه انتقادات حادة إلى تمركز القوات الإنجليزية هناك فثارت ثائرة الإنجليز مجددا ضده

وأجبروه على إصدار بيان يشيد بالجيش الإنجليزى ويسحب انتقاداته السابقة لهم! وهكذا استمرت المواجهات قوية بينه وبينهم  بالرغم من كل محاولاته  فأنه لم ينتصر فى معظم هذه المواجهات فى النهاية لكن نمط حكمه هذا كان كفيلا بأن يسبب المتاعب للإنجليز الذين لم يكونوا قد تعودوا على مثل هذه المقاومة من حاكم مصري!

وكنتيجة للشعور الوطني لدى الشعب اشتبك الأهالي مع بعض البحّارة الإنجليز فطلب لورد كرومر منه تشكيل محكمة خاصة وأنشأت المحكمة وأصدرت أحكامها عليهم تترواح بين الحبس 3 إلى 8 شهور

ومع توالي الهزائم اضطر لإيقاف الصدام مع الإنجليز مؤقتًا والتحول لميدان آخر وهو إصلاح الأزهر وتنصيب شيخ جديد وإرسال كسوة الكعبة كما إن الحظ وقف معه باستقالة نوبار باشا لظروفه الصحية وفي 19 سبتمبر 1897 عاد الصدام حيث اشتبك الأهالي في قليوب مع فصيلة إنجليزية

فحاصر الإنجليز البلدة بالرغم من الهزيمة السياسية لللخديوى عباس حلمى الثانى ولم ييأس

وسرعان ما قرر خوض معركة جديدة وفي 15 يناير 1894 زار أسوان ودعا 33 ضابطا لتناول الطعام معه وأبدى للقائد العسكري الإنجليزي هربرت كتشنر بعض الملاحظات

هذه الملاحظات حول عدم كفاءة الجيش البريطاني ولكن كتشنر لم يقبل هذه الملاحظات تماماً واعتبرها إهانة له ولإنجلترا وأبلغ المندوب السامي لورد كرومر

الذي  أستشاط غيظاً من الخديوى عباس الثانى مما جعله مضطراً  لأبلاغ حكومة الأحتلال فى إنجلترا فثارت ضجة هناك

وقالت الصحف إن الخديوي يعاملنا معاملة الأعداء وهددت بخلعه وطلب لورد كرومر منه أن يصدر أمرًا عسكريًا يثني فيه على الجيش فاضطر للإذعان في 21 يناير 1894 وإمعانًا في إذلاله طلبوا منه تغيير النظارة الحالية بأخرى بزعامة نوبار باشا

رحيل اللورد كرومر :

في حفل وداع لورد كرومر أثنى على الخديوي توفيق وعلى نوبار باشا وتجاهل الخديوى عباس حلمى الثانى وأعلن أن الاحتلال البريطاني سيدوم

وذلك في تحدى له وللمصرين وفي 7 يناير 1908 أعلن العفو عن 9 من المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة في حادثة دنشواي وفي عام 1908 أرسل وفد يطلب من وزارة الخارجية البريطانية منح مصر الحق في حكومة نيابية ذات سلطات معينة وفي محاولة لإعادة سياسة الصدام وبإيعاز منه رفض البرلمان والحكومة مد امتياز قناة السويس

على أساس إن هناك غبن وقع على مصر مقدارة 130 مليون جنية مصرى وفي السابع والعشرين من سبتمبر عام 1911 وصل المندوب السامي الجديد هربرت كتشنر

إلى مصر وحاول إجراء إصلاح محدود فضم مجلس الشورى مع الجمعية العمومية في هيئة واحدة تسمى الجمعية التشريعية وفي الثانى والعشرين من يناير عام 1914

قام الخديوي عباس حلمى الثانى بإصدار قرار بإنشاء الجمعية الجديدة وتعيين سعد زغلول رئيسًا لها وصل إليه إن هناك رشوة للنظار وإفسادهم ضد ولي الأمر

فقال له هربرت كتشنر إن رغبت في تغيير النظارة فلن نرضى إلا أن تكون تحت رئاسة مصطفى فهمي باشا وتم ذلك وطلب من الخديوي القضاء على الرشوة

وإمعانًا في إذلال الخديوى عباس حلمى الثانى طلب هربرت كتشنر المندوب السامى البريطانى الجديد بتغيير مصطفى فهمي باشا وتعين حسين رشدي باشا وفي الحادى والعشرين من مايو عام 1914 استقل يخت المحروسة في رحلة للخارج وكان هذا آخر عهده في مصر وكان آخر ما فعله توقيع أمرين بتنقلات وترقيات لرجال القضاء الأهلي ووضع سلطاته لرئيس الوزراء

أهم ماقام به الخديوى عباس حلمى :

عمل الخديوى عباس حلمى الأول على تطوير التعليم الحكومى وأهتم بالصحافة والحياة السياسية المصرية كما قام بإلغاء الكثير من الضرائب وحاول تطوير الرقعة الزراعية المصرية فزادت من 900 ألف فدان حين تولى الحكم إلى مليون ونصف فدان فى نهاية عهده كذلك فقد زاد من ملكية المصريين للأراضى الزراعية فارتفع عدد ملاك الأطيان من 750 ألف مالك إلى ما يقرب من 1.4 مليون مالك فى عهده وقام بإنشاء كلية الزراعة والنقابات الزراعية كما قام بإنشاء بعض القناطر والسدود وأشهرها قناطر أسيوط وخزان أسوان

وشهد عصرالخديوى عباس حلمى الثانى  نهضة مالية ومصرفية كبرى فقد زادت ميزانية الدولة فى عهده من 10 مليون جنيه مصرى عام 1982 إلى 16 مليون جنيه

كما زادت قيمة الصادرات المصرية من 13.5 مليون جنيه إلى 29 مليون جنيه وأيضاً تم إنشاء البنك الأهلى برأس مال قدره 2.5 مليون جنيه و البنك الزراعى برأس مال 5 ملايين جنيه وتفاوض الخديوى عباس حلمى مع الباب العالى من أجل تحديد حدود مصر الشرقية

وبعد الكثير من الخلافات حول تحديد الحدود الشرقية بين مصر والشام وبين مصر والدولة العثمانية تم توقيع اتفاقية تعيين الحدود عام 1906

كذلك تم التفاوض مع الباب العالى مجددا حول عدد جنود الجيش المصرى ليصل العدد بعد التفاوض إلى 18 ألف جندى

ولا يسمح للجيش المصرى بأن يقوم بتجنيد أكثر من هذا العدد إلا بعد إذن من الباب العالي! ويلاحظ هنا كيف أن السلطان عبدالحميد وحتى نهاية عهده لم يكن يأمن كثيرا لمصر

وكان الخديوى عباس حلمى الثانى يعمل طوال الوقت باهتمام حول تحجيم دور الجيش المصرى خوفا من استقلال مصر

عن الخلافة العثمانية فى ذلك التوقيت وفى هذه الفترة أيضاً ظهرت فى مصر حركة وطنية جديدة تتشكل وقد تزعمها الزعيم مصطفى كامل وهذه الحركة الوطنية أدت إلى تطورات مهمة جداً فى الحياة السياسية المصرية خلال عهد الخديوى عباس حلمى الثانى

إنجازات الخديوى عباس حلمى الثانى :

عمد الخديوى إلى تطوير البنية التحتية المصرية وخاصة المواصلات فقام بتطوير شبكات الترام والسكك الحديدية وافتتح شبكة خطوط ترام القاهرة سنة 1896 حينما كانت أفريقيا غارقة في الظلام ووضع حجر الأساس لعدد من الكبارى الحيوية بالقاهرة مثل كوبرى أمبابة وكوبرى أبو العلا وكوبرى الملك الصالح وكوبرى الجلاء وأيضاً كوبرى عباس وقد شيد عشرات من المشاريع الهامة مثل قناطر أسيوط وقناطر أسنا وأيضاً خزان أسوان  وهو أول من وضع خطة شاملة لترميم آثار مصر الأسلامية بداية من عام 1895 و كانت هذة الاثار معرضة للضياع و الاندثار

مثل جامع السلطان حسن ومسجد عمرو بن العاص وبن طولون  وبالنسبة لدوره فى إنشاء المتاحف المصرية كل المتحفين فى مصر ودارسى الآثار المصرية بمختلف حقبتها التاريخية سواء كانت المصرية القديمة واليونانية الرومانية والأسلامية والعصر الحديث يدينوا بالفضل للخديوى عباس حلمى الثانى فى انشاء وافتتاح المتاحف المصرية الكبرى فى عهده لأنه كان ذو ثقافة وعلم وحب لأبناء الشعب المصرى الذى ولد وتربى بين ابناءه وكان الغرض الأساسى هو حفظ اثار وتراث مصر فى متاحف تدل على عظمتها

وأيضاً تحميها من السرقات التى كانت منتشرة من الاجانب وغيرهم وأن باكورة المتاحف فى مصر التى اسسها هى المتحف اليونانى الرومانى بالاسكندرية فى 17 اكتوبر 1892م ثم المتحف المصرى فى التحرير فى نوفمبر 1902م المتحف الاسلامى والمبنى الجديد للكتبخانة فى باب الخلق 1903م والمتحف القبطى بمنطقة مصر القديمة 1910م ولذلك يعتبره الاثريون المصريون ابو المتحفيين المصريين الحقيقي كما يوجد كوبري بأسمه وهو كوبري عباس الذي يربط بين جزيرة منيل الروضة والجيزة

عزل الخديوى :

كانت جميع الجهات في دولة بريطانيا العظمى عدا الخارجية تطالب بخلع الخديوى عباس حلمى الثانى من منصبه

وفي 19 ديسمبر 1914 صدر القرار بعزله وجاء فيه يعلن وزير الخارجية لدى جلالة ملك بريطانيا العظمى أنه بالنظر لإقدام سمو عباس حلمي باشا خديوي مصر السابق

على الانضمام لأعداء جلالة الملك رأت حكومة جلالته خلعه من منصب الخديوى والحقيقة إن عزل الخديوى عباس حلمى الثانى عن عرش مصر

ونفيه الي خارج البلاد (مصر) بحجة أنه عارض سياسات بريطانيا في مصر وذلك في سنة 1929 وظل المصريون فترةً طويلةً جداً حوالى 17 سنة من 1914 إلى 1931 يهتفون في مظاهراتهم ضد الاستعمار

وقد كان هتافات المصريين الله حى عباس جاي على أساس أنه رمز لسيادة مصر ونهاية الحكم الإنجليزي وأن خلعه تم من جانبٍ واحدٍ فقط

وذلك دونما موافقةٍ من قبله أو موافقة السلطان العثماني صاحب الحق الرسمي بتعيين حاكم لمصر لكنه تنازل عن كافة حقوقه في عرش مصر

بعد مفاوضاتٍ أجراها رئيس الوزارء إسماعيل صدقي باشا فى مقابل ثلاثين ألف جنيهٍ دفعتها الحكومة المصرية للخديوى عباس حلمى الثانى وعمل الأنجليز على طمس تاريخ الخديوى عباس حلمى الثانى

محاولة أغتياله :

أقام الخديوى عباس حلمى الثانى بعد مغادرته مصر في فرنسا متنكرًا ثم غادرها إلى تركيا وفي 25 يوليو 1914 بينما كان خارج من الباب العالي

قام شاب مصري يدعى محمود مظهر بإطلاق الرصاص عليه ولقد قال الخديوى عن الحادثة شعرت بانقباض فى الصدر قبلها

وعندما رأيت الشاب يصوب المسدس إلي تمكنت من الإمساك بيده الممسكة بالمسدس ودفعته بعيدًا في الوقت الذي لم يتحرك فيه الحرس إلا متاخرًا وأصابني بعض الرصاص ولكن في مناطق غير مميتة

وتناثرت الدماء على ملابسي وكيس نقودي ولكنها لم تصل إلى المصحف الذي كنت أحمله وهذا من لطف الله 

وحتى لو وصلت إليه لما مس هذا من قداسته وقد تسبب هذا الحادث في تأخير عودته لمصر وخاصة إن في هذا الوقت

نشبت فيه الحرب العالمية الأولى ولم يعد السفر عبر البحار مأمونًا وطلب السفير الإنجليزي في تركيا من الخديوي العودة إلى مصر إلا إنه تردد فطلب منه أن يرحل إلى إيطاليا حتى تسمح الظروف بالعودة إلا إنه رفض وكانت الحرب حتى ذلك الوقت بين إنجلترا وألمانيا

قانون تنظيم وراثة العرش :

بعد حصول مصر على الاستقلال أصدر الملك فؤاد الأمر الملكي رقم 25 لسنة 1923 والخاص بتنظيم وراثة العرش

في أسرة محمد علي وجاء في المادة الثالثة منه نص خاص يقضي باستثناء الخديوي عباس حلمى الثاني

من تولي العرش ولو استحقه طبقاً لقاعدة الأكبر من الذكور في أسرة محمد علي وعليه غدا الأمير محمد عبد المنعم ابن الخديوي عباس حلمي يتطلع لفترةٍ طويلةٍ لعرش مصر باعتباره أكبر الذكور في العائلة

وفاة الخديوى عباس حلمى :

توفي الخديوي عباس حلمي الثاني في منفاه في سويسرا في التاسع عشر من ديسمبر سنة 1944

أثناء حكم الملك فاروق الأول لمصر ومن الصدف أن تاريخ وفـاة الخديوي عباس حلمي الثاني يوافق نفس تاريخ خلعه عن حكم مصــــر

ولكن بعد 30 عاما ونظرا لظروف الحرب العالمية الثانية التى واجهت فيها دول المحور مع قوات الحلفاء وذلك وقت وفاة الخديوي عباس حلمي الثاني وعاد جثمانه إلى مصر في 26 أكتوبر 1945 وتم دفنه في تربة أفندينا وهي مقابر أسرة الخديوي توفيق بالقاهرة

 

عن Madeha Genady

Madeha Genady
مصر كما رأيتها و أحيا على أرضها و أرتوى من نيلها -------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------- مصر التي في خاطري وفي فمي ........ أحبها من كل روحي ودمي ......... ياليت كل مؤمن بعزها ......... يحبها حبي لها ......... بني الحمى والوطن ......... من منكم يحبها مثلي أنا

شاهد أيضاً

تاريخ الترام فى مصر

مقدمة : بدأت قصة الترام في مصر في 12 أغسطس 1896 وهو تاريخ تشغيل قاطراته ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *